| ]



قبل أيام، عندما قمت بعمل صيانة لنظارتي، اضطررت للبس نظارة احتياطية، وكانت هذه النظارة من النوع البلاستيكي القديم الذي يكثر ارتداؤه لدى كبار السن، وهذا سيجعل شكلي مختلفا بشكل لافت، وأنا لا أحب أن أظهر بشكل لافت أبدا، ولا أحب أن تسلط الأضواء نحوي مباشرة، حتى لو كان التغيير بشيء جديد وجميل، حتى إنني أكره تلك البدايات في ارتداء الثوب الجديد والشماغ الجديد، وهذا طبع أظن أنني لا أنفرد به، فحينما تداولناه في مجلس وتكاشفنا به ضحكنا جميعا، وقال أحدهم إنني أحيانا أضطر لوضع الغبار على حذائي الجديد.

وفي مرة كنا على أهبة الذهاب إلى رحلة برية، وأطاعني أصحابي في تأخير وقت الانطلاق إلى بعد العشاء، حيث سأحضر حفل زواج زميل لي، وأثناء ماكنت أتجهز، انزلقت ماكينة الحلاقة بشكل عشوائي على أحد أطراف شاربي، فعدت للطرف الآخر أشذبه على نفس المستوى، فصار أقل بكثير من الأول! ومضيت أوازن الطرف الأكثر، وهكذا صرت أتنقل بينهما حتى حلقت شاربي على درجة الصفر! وأصبح شكلي كأنني واحد من زمرة المنافقين في مسلسل تاريخي مصري! مما اضطرني لإرسال رسالة اعتذار لزميلي عن الحضور.
وبعد ساعتين، كان هناك شنب ملحوط على الزيرو يلمع على ضوء نار الارطى وسط نفود سامودة.

وأنا اليوم لست أنا قبل سنوات بعيدة، فقد تصالحت مع نفسي كثيرا، ولم أعد أهتم لكثير من الأمور المظهرية، والحمد لله.

ارتديت النظارة، وقلت لأنظر ردات الفعل.

وانقسم الناس حيال ذلك إلى أنواع وأقسام:
- النوع الأول: الذين لم يظهروا أي ردة فعل، وكأن شيئا لم يحدث، لم تتغير نظراتهم، لم يتفوهوا بأي تعليق، لم يقولوا أي شيء، وهذا النوع عندما كنت أقول له: ألم تلاحظ في شكلي اختلافا؟ انقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم ابتسم وقال لا والله ما تغير علي شي! والقسم الثاني من ابتسم وقال نعم شفت النظارات وشكلك فيها أجمل. والقسم الثالث من ابتسم وقال إلا، لاحظتها، ولكنني استحيت من مفاتحتك!
النوع الثاني: الذين أظهروا التفاعل من أول نظرة، وهؤلاء انقسموا إلى قسمين: القسم الأول الذين حدقوا باندهاش وأبدوا إعجابا مبالغا بـ "النيو لوك" على حد تعبيرهم. وأما القسم الثاني، وهو القسم الخبيث، القسم الذي يعجبك رغم أنه يجرحك، أولئك الذين انفجروا بالضحك من أول نظرة، وألقوا التعليقات على الشكل.


هؤلاء الأذكياء الفطناء الخبثاء، الذين يلمحون الشعرة ولا يخفون عنك مشاعرهم ووجهات نظرهم، هم الذين يسندونك إذا وقعت، ويقومونك إذا اعوججت!