| ]

بقينا نحن الثلاثة أقطاب معركة محتدمة ، حينما تغضب لا تجد لها متنفسا أفضل من قولها : ياحمار ! تريد أن تفعل ذلك ولكنها تجدني صارما فتحجم ، تحجم والحمار ينهق في داخلها أعرف ذلك ، ولو أنها ممن طال عمره وقلت أرصدته لاستغلت الأمر وصنعت دورة عظيمة تتكسب بها بعنوان " أخرج الحمار الذي بداخلك " لا يهم مادامت لم تتفوه به وعفي عن أمتي ماحدثت به نفسها وقديما تفطن الشاعر وقال يصف مابيني وبينها " لقد أحبك من يرضيك ظاهره ** وقد أطاعك من يعصيك مستترا "
ولكن القصة لا تنتهي هنا
جاءني أخوها مرة غاضبا يشتكيها يقول لي : شف ثوار تقول لي ياحمار ! استدعيتها وأنا مغضب وسألتها فقالت : ماقلت ياحمار قلت ياحماش ! التفت إليه وسألته فوافقها ووقعت في حرج نظرت إليها وجمعت كل ماأعرف من أصول الأحكام والقواعد الحكمية وقررت أن القرينة التي تدل على الشيء تلزم به حتى لو لم يكن باللفظ نفسه ... اتفقنا؟
قالت لي : اتفقنا
بعد مدة جاءتني وقد كنت مسترخيا وقالت : صح عيب اللي يقول : ياحمار ؟ لا أخفيكم فرحتي بالنجاح حيث وصلت بها إلى موقع المربي وأجبتها فرحا : صح قالت : الواحد مايقول : يااحمااار ، كانت تنطقها بطريقة منفصلة وكأنها تتطعم بها وهي تلقيها بين يدي وأنا أقول لها : صحيح وتعيد : ايه الواحد غلط يقول : ياااااحمااااااار ! اكتشفت لحظتها أني وقعت في شباك مصيدة متداخلة لا يمكن الخروج منها فإن قلت لها : نعم كررتْها وإن قلت لها : لا ॥ هدمت كل مابنيت ، ألهيتها بطريقة وحولت الموضوع لمسار آخر وانتهى الموقف وماانتهى
بعد مدة خرجنا للبر ومررنا في طريقنا على قطيع من الخراف وإلى الطرف منها حمار مطأطئ الرأس بكل وداعة وسألوني عنه فقلت : هذا حمار القطيع ، صرخت من ورائي منتصرة : هااه تقول حماار شرحت لهم بصعوبة بأن هذا هو الحمار الحقيقي ! وأنه كائن له ماله وعليه ماعليه ولم أجد جوابا مقنعا فخجلت من الحمار ونحن نمر حياله ، ومضينا
أخطأتُ عليها مرة وأحسست بالذنب فقلت : خذي حقك مني قالت : وشلون يعني ؟ ، يعني قولي لي أي شي ، أي شي ؟ ، أي شي ، لمعت عينها وقالت : حماار !
في رمضان الفائت كانت القشة التي قصمت ظهر الحمار ، حين جاءتني بعد التراويح تسير بثقة حازمة القسمات تقول لي : الإمام وبالمسجد يقول : الحمار !!