| ]



في طريق عودتنا من الجامعة وقفنا هو وأنا في محطة الوقود ..
وحالما كان العامل يوصل أنبوب الماكينة في فتحة السيارة .. راعنا منه نشيج مكتوم .. وهو يكفكف دمعات في عينيه ..
مسحة التأثر طافحة على وجهه وقد كان مثل عصفور مهيض الجناح ..
سألناه ..

فامتنع ..
ألحفنا عليه بالأسئلة .. ولم يجب ..
مر صاحب له إلى جوار السيارة فناديناه .. وسألناه .. فالتفت إلى ذلك العامل كالمستأذن .. فأذن له .. وراح يبوح بالسر بعد أن رفع رأسه ولوح به في حزم وهو يقول :
أول في يزي نفر سيارة زيب صغير بعدين عبي 75 ريال .. بعدين هروب ما في سدد !!
وسكت قليلا ثم قال :
بعدين كفيل كلام نفر ما في سدد كصم من راتيب ..
أحس في صدري بانكسارات متتابعة .. وهشيم .. وشيئ من رماد قليل ..
كما كان مثل ذلك في صدر صاحبي .. بل وأجزم به ..
وهمهم صاحبي بشيء ولكني لم أسمعه !! .. وهمهمت أنا بشئ ولكنني لم أسمعه !! .. ولم يسمعه صاحبي !!
والحق أقول لكم : إنه لم يكن في جيبي تلك الساعة مال .. ولكنني أسررت في نفسي أمرا ..
وفي صباح الغد .. وبينما كنت في طريقي إلى الجامعة صباحا ملت إلى المحطة .. فسلمت على العامل وفي جيبي 75
ريالا كنت قد أزمعت تسليمها له .. فتفاجأت به يتقافز مثل عصفور الشروق ويتبسم كمن لم تمر عليه ساعة ترح في حياته .. ناديته وأخرجت له المبلغ ففاجأني وهو يهز رأسه قائلا :
-كلاص .. سديق انت في سدد!!
-سديق انا ؟؟ .. مين سديق انا ؟؟
-أنت سوى سوى أمس في يزي ..
- أهااا .. ومتى هو يجي أمس ؟
- على طول انت في روه .. بعدين هو نس ساءة يزي يدفع 75 ريال
ابتسم ابتسامة غريبة وأضاف وهو يهز رأسه : بس هو كلام ما في معلوم نفر ثاني ..