| ]




لن ننسى - زملائي وأنا - ذلك اليوم الدراسي وقد كنا طلابا في المرحلة المتوسطة، حيث قسمنا التحدي إلى فئتين، ومن بداية ذلك الأسبوع، اشتعلت التعليقات بيننا لمباراة كرة القدم في حصة البدنية التي تأتينا يوم الأربعاء آخر الأسبوع، لم يكن الملعب مزروعا، لاطبيعيا ولا صناعيا، كانت المدرسة في مبنى مستأجر، كانت عبارة عن حجرات ذات دور أرضي هي غرف الفصول وكانت تحيط بالساحة، وهذه الساحة هي ملعب كرة القدم وكرة الطائرة في الوقت نفسه، وكانت خليطا من الرمل والطين وشيئا من قطع الخرسانة البيضاء والحصى!
قضينا تلك الأيام بالتخطيط والتوعد والترقب، كان معلم المادة من دولة مصر الشقيقة، وقد كانت عادته أن يخرجنا من الفصل ويرمي لنا الكرة ثم يغيب ولا نراه إلا نهاية الحصة، جاء يوم الأربعاء، واقتربت ساعة الصفر، وعندما حان الوقت، ورن الجرس، ارتدينا زينا الرياضي أسرع من العادة، فدخل ولم يكن في يده الكرة! إنما كان يحمل كراسة درجات لونها برتقالي، ثم قال: يالله يولاد عسّاحه!
خرجنا خلفه، ولكن لفت انتباهنا شيء وضعه في وسط الملعب، وكان ذلك حصان القفز ذو الظهر البني والأربعة أرجل لرياضة الجمباز!
جلس على الكرسي، ووضع سجل الدرجات فوق ركبته وفي يده قلم، وهو يسرق الالتفات ناحية الإدارة في كل مرة، وقال: يالله يولاد .. طابور. النهار ده حناخد درس في القمباز!
انخرطنا في الطابور ونحن محتقنين، ولدينا أمل أنها فترة قصيرة من الحصة وتنتهي، وجعل ينادي واحدا .. واحدا للقفز، وهو يسجل الدرجة، وينطق أسماءنا بلكنة مصرية لازلنا نتذكرها: يالله ياعبزيز .. يالله ياموبآرك ( بقلقلة الراء )
واحدا .. واحدا .. ودقائق حصة البدنية تسرع دائما بخلاف دقائق الدروس الأخرى، ومثلها دقائق الفسحة، وكنا في مخيلته كما في الصورة، وكانت مخيلتنا تذوب فيها شعلة التحدي كلما مرت الدقائق، حتى انطفأت تماما.
وقبل أن يرن الجرس، برز لنا مدير المدرسة برفقته رجل يظهر عليه أثر الرسمية، وقفا على رأس الأستاذ وهو يقيد الدرجات، وشكره الزائر على تفعيل الرياضات المتنوعة!
وحالما أدبرا عنا، رن الجرس، وذهبنا غاضبين جدا، محتقنين، نتمتم بعبارات الاحتجاج والتسخط ونحن نغسل أقدامنا قبل العودة للفصل، للحصة التالية.
حصة الرياضيات!