| ]



تعظم اللذة حينما تعظم الحاجة .
احن رأسك قليلا ، قليلا فقط ، فثمة لذائذ ملقاة على قارعة الطريق .

يقول لي : حينما كنت طالبا كنت مغتربا ، وتمر بي أيام أكون فيها في القاع من الجوع بينما لا يكون في جيبي سوى حفنة من ريالات ، لم أكن أفكر في شيء عظيم ، ولم أكن أشتهي أكثر من خبز خباز بريال واحد وكأس من الشاي أدوزنه على عجل في حجرتي الصغيرة ، وحينها كنت آكل بشهية وأمد يدي بالخبز الساخن نحو فمي وكأنني ملك حاز الدنيا بحذافيرها .

السر في الخبز .

ولأنني نجل فلاح فأنا أعشق الصباح ، وأحب التأمل في وجه الكون صباحا ، وأسترق اللحظات منه صعدا نحو المخبز ، طابور من الأجساد ، من الوجوه ، من الأفكار ، من الهمم ، من الهموم ، أجناس مختلفة ، يمد أحدهم رياله ويأخذ ملأ يده رغيفا ساخنا شهيا ، يسرع به نحو رفاقه في سطح عمارة منشأة ، في مزرعة ، في حفريات الطريق ، في جانب من ورشة ، يفترشون صفيحا أو قطعة كرتون ويلفون الخبز بالهواء برائحة الأسمنت أو مبيد الزروع أو القار أو زيت السيارات .

وحالما أدخل به مكدسا فوق كرتونة صغيرة وتغني رائحته في المكان ألحظ البشر في وجه أمي ، ويركض ولدي الصغير ليخبر أخوته " أبوي جاب خبذ خباذ "

إنها الحياة ، تكون لذيذة جدا في أبسط ماتجود به .