لليل
.. للدفء .. للسُمّار .. للطّرب ** أوقد لنا نارنا من أجود الحطب
وللقوافل تهتز الرمال على ** حدائها , لسراة الليل في خَبَب
للضيف .. للعابر المعترّ تنهشه ** ريح الشمال فيثني الرَّحل من تعب
للنّازلين كفوج الجن قبلتهم ** وادي الجنادل فوق الأشهب الحَرِب
يمشي على أربع كالذئب يهبط من ** بين الصخور – حذار الفوْت – للطّلب
إنا تركنا الدُّنى من خلف أظهرنا ** وخفّت الروح في البيداء كالشُّهب
والأرض مبتلّةٌ ’ والماء يشخب ما ** بين الحصى ، وبقايا الغيث في
القِرَب
أوقد على النّار إنا مسّنا نصَبٌ ** والنّار تطفئ مايشتاط من نصَب
والليل يُقبل من خلف التّلال بلا ** صوت كخطو قَبِيل السّطو في
السَّلَب
وفي الظلام ثغاء الشّاء يعقبه ** نباح كلب ’ ستبدو الصّبح عن كَثَب
أوقد فهذي دَلال القهوة انتعشت ** أجسادها ’ شامخات الرأس في اللّهب
إني أشم عبير الهيل عانقه ** دخان نار زكيٍ طيّب النّسَب
أدر كؤوسك يا ساقي على مهل ** مخمورة , مُرّة ، مع أطيب الرُّطب
للربع من أهل ذاك الحيّ إن لهم ** في القلب ألويةٌ معقودة السبب
يقهقهون وضوء النار يلمع في ** وجوههم ’ والفرى تحنو على الرُّكَب
أدر ففي الرّأس شيء مبهمٌ .. وَتَرٌ ** قصيدةٌ .. سوق أيّام من العرب
وصوت ألف نديمٍ في عباءتهم ** يدمدمون حكايا الشعر والأدب
وعزف ألف صدى , من خلف ألف مدى ** غنّى الهبوب بها في حضرة الطّرَب
أوقد على النّار إنّ الليل طال بنا ** والبدر نام ، وهذا النّجم دون
أب
والنّار تأكل مانلقي , ونأكل ما ** تُلقي ، وتأكلنا الأيام في الحِقَب
|